Copyright © 2018 • All Rights Reserved • Permanent Mission of the State of Kuwait to the United Nations

Kuwait's Statement delivered by H.E. Sheikh Sabah Khaled Al-Hamad Al-Sabah, Deputy Prime Minister and Minister of Foreign Affairs, at the United Nations Security Council Debate on “Purposes and Principles of the Charter of the United Nations in the Maintenance of International Peace and Security” - 21 February 2018

وفد دولة الكويت الدائم لدى اﻷمم المتحدة

Permanent Mission of the State of Kuwait to the United Nations

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب المعالي والسعادة

في البداية أود أن أتقدم بالشكر إلى معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش على إحاطته القيّمة، وأؤكد لكم يا معالي الأمين العام بأن دولة الكويت لن تألو جهداً وستسعى خلال عضويتها لتكون خير داعم لجهودكم ورؤاكم الهادفة لتحسين آليات منظمة الأمم المتحدة وتعزيز فعاليتها للحد من المخاطر والتهديدات المنظورة حالياً التي تواجه عالمنا اليوم

 كما لا يفوتني تقديم الشكر إلى الأمين العام السابق السيد بان كي مون، على مشاركته وإحاطته القيمة النابعة من خبرة عقد كامل على رأس منظمة الأمم المتحدة. إنها فعلاً لحظة تاريخية وفريدة أن نكون في حضور أمينين عامين – سابق وحالي – في إجتماع واحد، وأكرر إمتناني لكما على تلبيتكم دعوة المشاركة في هذا الاجتماع، فلن نجد أجدر مِن مَن شغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة أن يحيط مجلس الأمن عن أهمية موضوعنا اليوم

 أصحاب المعالي والسعادة

يجدر بنا أن نستهل اجتماعنا لهذا اليوم المعنون بـــ "مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة في صيانة السلم والأمن الدوليين" بإقتباس السطور الأولى من ديباجة ميثاق الأمم المتحدة والتي تحاكي الأهداف والمقاصد التي عقد من أجلها الإجتماع، وهي:

(بدء الاقتباس) "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية" (انتهى الاقتباس)
 
أصحاب المعالي والسعادة

إن دعوة دولة الكويت لعقد هذا الاجتماع الهام تتيح أمامنا فرصة جوهرية لمناقشة وتقييم مسؤولياتنا الجماعية تجاه التزامنا بالمبادئ والمقاصد الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، والتي تشكل دستوراً للعمل الدولي متعدد الأطراف. كما نتطلع من خلال جمعنا هذا أن نتمعن كدول أعضاء في مجلس الأمن في الأدوات المنصوص عليها في الميثاق تحت تصرف المجلس، والمعنية بصون السلم والأمن الدوليين بأكثر الطرق فعالية لمواجهة جميع التهديدات التي تواجه عالمنا اليوم

 أصحاب المعالي والسعادة

يمثل ميثاق الأمم المتحدة صكاً للقانون الدولي يرسم إطاراً واضحاً لتنظيم العلاقات بين الدول، وإذا التزمنا بنصوصه، لتقلصت التهديدات التي تعترض استتباب الأمن والسلم وكما يستوجب تطبيق تدابيره بصورة جماعية وفعالة، وبالتساوي مع الالتزام بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة. لا بد أن نعمل بشكل جماعي وموحد لكبح العنف والعدوان، والعمل على بناء علاقات ودية بين الدول، واحترام مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمساواة في الحقوق وحق الشعوب في تقرير المصير، وتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان

وعلى الرغم من وجود هذه المبادئ والمقاصد، والتي يتعين على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام بها، نجد هناك من ينتهكها بشكل صارخ، إلى درجة لا تزعزع السلم والأمن الإقليمي فحسب، بل الأمن الدولي بأسره. ونحن في دولة الكويت عشنا تجربة صعبة يعرفها الجميع نتيجة لانتهاكات جسيمة لهذه المبادئ والمقاصد الواردة في ميثاق الأمم المتحدة

 أصحاب المعالي والسعادة

ليس من محض الصدفة أن تختار دولة الكويت موضوع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة لمناقشة اليوم، فدولة الكويت هي أصغر دولة عضو حالياً في المجلس من حيث مساحة الأرض، غير أن مسألة احترام أحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي أمر في غاية الأهمية بالنسبة لجميع الدول وبالأخص للدول الصغيرة، بل في حقيقة الأمر تمثل مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة خط الدفاع الأول للدول الصغيرة

كما أن اختيار توقيت المناقشة في شهر فبراير أيضاً ليس من محض الصدفة، فدولة الكويت تحتفل كل عام في تاريخ 26 فبراير بعيد تحريرها من الإحتلال العراقي في عام 1991. ولقد جاء هذا التحرير نتيجة لإلتزام المجتمع الدولي بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المنتحدة، وتفصلنا أيام معدودة من موعد الاحتفال بالذكرة الــ 27 بهذا التحرير

إن تحرير دولة الكويت يعَد مثالاً يبيّن بجلاء ما يمكن أن يتم تحقيقه عندما تتضافر جهود المجتمع الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة، ومن خلال قرارات شرعية صادرة من مجلس الأمن تهدف لنصرة سيادة القانون، والحق، والعدالة، ومحاربة الطغيان، ورفع الظلم. إن عملية تحرير الكويت تعد نموذجاً تاريخياً ناجحاً لإمكانيات مجلس الأمن في تصويب إعتداء كان هدفه نسف وخرق المبادئ والمقاصد النبيلة في الميثاق

 أصحاب المعالي والسعادة

أود التطرق إلى 3 قضايا هامة متعلقة بموضوعنا اليوم:

أولا – الأدوات المتاحة لمجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته:

بعد مرور أكثر من 70 عاماً على إنشاء منظمة الأمم المتحدة، يبقى ميثاقها بقدر أهميته كما كان دائماً، حيث يوفر أدوات متعددة للتعاطي مع التحديات، ونجد في الفصل السادس من الميثاق أداة هامة في تسوية النزاعات يتعيّن تفعيلها بشكل أكبر، وذلك عبر الطرق السلمية من خلال المفاوضات والوساطة والتحكيم، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. ففي حقيقة الأمر، نجد أن التدابير التي يتخذها مجلسنا تجاه الأزمات دائماً ما تعتبر ردة فعل للأحداث ومتأخرة، وفي كثير من الأحيان يتجاهل المجلس التدابير الوقائية الممنوحة له لمنع نشوب النزاعات من خلال التعاطي مع الأزمات في مراحلها الأولية

تضرب جذور الأزمات في تربة إقتصادية وإجتماعية في طبيعتها كالفقر والبطالة. وفي كثير من الأحيان يغيب عنا في مجلس الأمن أن الركيزة الثالثة في ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى السلم والأمن وحقوق الإنسان، هي التنمية. إن السعي نحو التنمية المستدامة يتطلب توفير الأجواء المناسبة وفي مقدمتها تحقيق الاستقرار السياسي والأمني ومعالجة جذور ما نواجه من عقبات لتحقيق ذلك. وفي هذا السياق، نذّكر بأن خطة التنمية المستدامة 2030 تشتمل على هدف خاص – وهو الهدف 16 – الذي يدعو لإقامة مجتمعات مسالمة وعادلة وشاملة للجميع

 إن الإنذار المبكر والتصدي للازمات قبل وقوعها يتطلبان إرادة سياسية من المجلس. وهنا نستذكر بعض المجازر والمآسي التي عجز مجلس الأمن عن إتخاذ الإجراءات اللازمة إزائها لإنقاذ الالاف، بل الملايين من الأرواح، كالإبادة الجماعية في رواندا ومجزرة سربرنيتشا، وهما أمثلة على عجز المجلس والمجتمع الدولي عن التحرك في الوقت المناسب لمنعهما، ويبقيان دروساً لنا جميعاً

 نحن ندرك تماماً بأن الوساطة والمفاوضات والطرق السلمية في بعض القضايا لن تؤدي إلى حل للأزمات، وفي هذه الحالة نجد هنا الفصل السابع الذي سمح بإستخدام القوة لحفظ السلم والأمن الدوليين أو لإعادته إلى نصابه. ولعل تحرير الكويت يقدم دليل على فعالية وأحقية هذا الفصل في الإعتبار عندما نتعامل مع غزو غاشم من خلال تحرك عسكري شرعي تم تفويضه بموجب قرار من مجلس الأمن بعد أن استنفذت الطرق الدبلوماسية

أما في الفصل الثامن، فنحن نؤمن إيماناً تاماً بالدور البناء الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في المساهمة في الحفاظ على السلم والأمن الإقليمي والدولي، ونحث على مزيد من هذا التعاون بين مجلس الأمن وتلك المنظمات الإقليمية

ثانياً – وحدة مجلس الأمن:

لدى مجلس الأمن الكثير من الأدوات لمعالجة الأزمات، بما فيها الأدوات التي تشجع على الحلول السلمية قبل اندلاعها. لكن نجاح استخدام تلك الأدوات هو رهينة وحدة وتوافق مجلس الأمن، فلقد شهدنا عبر السنوات والعقود عجز المجلس عن حل الأزمات نتيجة للفجوة الكبيرة في وجهات النظر بين أعضاء المجلس وأولها استخدام حق النقض، "الفيتو"، ولعل أبرز تلك القضايا التي عانت من عجز المجلس في حلها هما القضية الفلسطينية – التي استمرت على جدول أعمال مجلس الأمن قرابة الــ 70 عاماً دون حل – والأزمة السورية – التي تدخل عامها السابع والتي حصدت أرواح أكثر من 400 ألف شخص. إن وحدة مجلس الأمن، خاصة أعضائه الخمس الدائمين، أمر هام لكي يصبح المجلس قادراً على أداء مهامه في التصرف وإتخاذ القرارات بشكل فعال وحاسم

 ثالثاً – الأمين العام:

نقدر عالياً الجهود الحثيثة التي يبذلها معالي الأمين العام أنطونيو غوتيريش، والرامية إلى تحسين عمل ركيزتي السلم والأمن في أجهزة الأمم المتحدة. وندعم رؤيته ونشاركه بها، وعلى وجه الخصوص تلك التي تعنى بإيجاد طفرة في الدبلوماسية الدولية والتركيز على اتخاذ جميع التدابير الوقائية قبل نشوب أي أحداث طارئة. ونؤكد على الدور الهام والمحوري المتاح لمعالي الأمين العام لتنبيه مجلس الأمن، وفقاً للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة

أود أن أختتم كلمتي بالتأكيد لكم جميعاً بأن دولة الكويت تعود إلى مجلس الأمن بعد 40 عاماً حاملة معها لواء ذات المبادئ في تلك الفترة التي شغلت عضويتها الأولى عامي 1978 و1979، وذلك على الرغم من التغيرات الكبيرة الذي شهدها عالمنا خلال تلك العقود الأربع. فهذه الكويت التي عرفتموها جميعاً عبر مر السنين:

مساهمة في الجهود الرامية لحفظ السلم والأمن الدوليين
مؤمنة بتغليب الحوار على القوة السافرة
ساعية الى حسن الجوار وتأمين أفضل العلاقات مع جيرانها
قائدة إقليمية في الوساطة وحل النزاعات عبر الطرق السلمية
فعالة في الدبلوماسية متعددة الأطراف
رائدة في دعم العمل الإنساني
ملتزمة بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، تطبيقاً وروحاً

شكرا لكم